دراسات إسلامية 

شخصيات ومواقف

 

 

بقلم : الأستاذ أشرف شعبان أبو أحمد / جمهورية مصر العربية (*)

 

 

(1) نهى الزيني

            في الوقت الذي ينقسم فيه الناس بين ساكت عن الحق وناطق بباطل، وبين خانع لأصحاب السلطة وخائف من جور القائمين على النظام. وفي الوقت الذي تضيع فيه أجزاء كثيرة من الحقيقة في كل أمر وفي كل شأن من حياتنا وتشوه معا لم الأجزاء الباقي منها. وفي الوقت الذي يتم فيه تزوير الانتخابات في كل مستوياتها ومراحلها وأنواعها، على مرأى ومسمع من الجميع، ولا يقوم أي مسؤول بإقرار ذلك، يخرج علينا في حالة فريدة ونادرًا ما تحدث، من بين المسؤولين على الانتخابات، القائمين على العملية الانتخابية، من يوثق لعملية تزوير قام بها نفر من هؤلاء المسؤولين أنفسهم. حين سجَّلت المستشارة «نهى الزيني» نائبة رئيس هيئة النيابة الإدارية شهاداتها عن واقعة تزوير وقعت أمامها كرئيسة لجنة انتخابية في دائرة بندر دمنهور، حيث قالت: إنها شاهدت بنفسها حصول المرشح «جمال حشمت علي» أربعة وعشرين ألف صوت من أصوات الناخبين، بينما حصل منافسه «مصطفى الفقي» على ثمانية آلاف صوت فقط، وعلى الرغم من ذلك أعلن رئيس اللجنة فوز مصطفى الفقي. وقد أيد شهادتها مائة وسبعة وثلاثون قاضيًا من رؤساء اللجان الفرعية، الذين شاركوا في الإشراف على مائة وستين لجنة، هي مجموعة لجان دائرة دمنهور. ولكي تعلنها على الملأ فقد نشرتها في صدر صفحات إحدى الجرائد، وأعقب ذلك تداول سائر الصحف الوطنية لها، وأذاعتها الفضائيات، وتناقلها أطواف الشعب وفئاته، حيث أصبحت حديث العامة والخاصة في أمسياتهم وسهراتهم، بينما تجاهلتها الصحف المسماة بالقومية.

       وسرعان ما انقلب السحر على الساحر، فمن كانوا يتغنون بالأمس القريب بإشراف القضاة على الانتخابات، وعن نزاهة الانتخابات تحت الإشراف القضائي، وكيف أن هذا الإشراف عصم العملية الانتخابية عن توجيه أية تهمة أو شائبة إليها، إذا بهم ينقلبون على القضاء والقضاة. فيتهمون القضاة بانشغالهم بالأمور السياسية وهو ما يتعارض مع طبيعة عملهم؛ بل يتهمونهم بانتمائهم وعلاقتهم مع من جاءت شهادة الحق في صفهم. بل منهم من وظف طاقاته وإمكانياته للبحث عن كل شيء في حياة المستشارة «نهى الزيني» ولادتها، نشأتها، دراستها، أسرتها، علاقاتها برؤسائها ومرؤوسيها وجيرانها وزملائها السابقين والحاليين وأهلها، لعله يجد خطأ ما أو قصورًا ما يشوه به تلك الصورة الجميلة التي انطبعت في ذهن العامة عن «نهى الزيني». ولن يعجز النظام عن الإتيان ببعض رجال الحكومة المحسوبين ظلمًا وبهتانًا على القضاة ممن يعارضون شهادتها وينفونها شكلاً ومضمونًا؛ بل ويشهدون بعكس ما قالته .

       لم تكن شهادتها نابعة من أجل الشهرة وجذب الأضواء نحوها أو من أجل أية منفعة دنيوية، فوجودها في مثل هذا المنصب يُغنيها هي وغيرها عن أية أغراض. ولم تكن مغامرة غير محسوبة العواقب أو مصيدة للتشهير بهذا المرشح، لمعرفتها بمدى قوة وإمكانية من يقفون وراءه، وقدرتهم على تغيير وتزييف الحقائق، ومدى الضغوط التي سوف تتعرض إليها من جراء ذلك. كما لم تكن نكاية فيه أو تضمانًا مع المرشح الآخر فنشأتها الطيبة وطبيعة عملها تتطلبان منها الانحياز التام للحق وللحق فقط مهما كان علاقتها بصاحب الحق. ولكن شهادتها نبعت من إيمانها بالله، نحسبها كذلك والله حسيبها ولا نزكي على الله أحدًا . نبعت من قوله تعالى (يَآ أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا كُوْنُوْا قَوَّامِيْنَ بِالْقِسْطِ شُهَدَآءَ للهِ وَلَوْ عَلىٰ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِيْنَ) سورة النساء آية 135 ومن قوله عز وجل في سورة المائدة آية 8 (لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلىٰ ألاَّ تَعْدِلُوْا اِعْدِلُوْا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوٰى) لذا فيا سيدتي الفاضلة لن أعطركِ بكلمات المديح والثناء فأنتِ في غنى عنها ولن توفيك حقك، ولن أكرر ما يقوله البعض من إن ملايين المصريين معك ولن يترددوا لحظة في الوقوف بجانبك وحولك أمام كل قوى الظلم مهما عظمت، أو غير ذلك مما حفظه الناس من شعارات، فمثل هذا الكلام تعودنا سماعه ولم نتعود رؤيته على أرض الواقع؛ ولكني أقول توقعي أن تنفردي بنفسك أمام من لم تُعْجِبُهم شهادتُك كما انفردتي بنفسك وأنت تسطرينها، وتوقعي تخلي الكثير عنك، فلم تكوني في حاجة إليهم وضميرك يمليها عليك، كما أنك ليست في حاجة لأذكرك بأن الله معك ولن يخذلك فهو نعم المعين ونعم النصير. وأخيرًا لا أملك إلا أن أتوجه إليك بالشكر كما علَّمَنا الإسلام تجاه كل صانع للمعروف، فعن الرسول إنه قال (من صنع إليكم معروفًا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه) فإن المكافأة على المعروف من المروءة التي يحبها الله ورسوله، كما دل الحديث ولا يهمل المكافأة على المعروف إلا اللئام من الناس. وعن أبي هريرة عن النبي إنه قال (لايشكر الله من لايشكر الناس) لذا أتوجه إليك قائلاً: جزاك الله كل خير..(1)

(2) مصطفى الفقي

       ما أسهل الكلام الذي يعبر عن مواجعنا وأمانينا، وما أكثر انبهار الناس وتصفيقهم وصفيرهم كلما شدا به من يجيد فن الإلقاء أو ذو الصوت العذب، وطالما إن الكلام على هذا الوتر وبهذه النغمة يُعْجِب المستمعين فما المانع من الاسترسال فيه. وما أجمل من ارتداء الثوب الذي يُعْجَبُ به الناسُ خاصة لو كان هذا ثوب المفكر والمحلل والكاتب والسياسي المخضرم الذي يحترق من أجل الوطن، وطالما الناس يُعْجِبُهم هذا الثوبُ فما المانع من ارتدائه والظهور به في المناسبات العامة؟ ولكن ما أصعب أن لايؤمن المتحدث بما يشدو به فلا يخرج عن كونه بوق. وما أقبح ألا يعبر ما يرتديه عن قناعاته فلا يخرج عن كونه مانيكان، وهذا وذاك لايعرفان إلا بالمواقف والأفعال.

       للدكتور مصطفى الفقي مكانة مميزة لدى بعض رجال الفكر والسياسية في مصر والعالم العربي، فهو بالنسبة لهم مفكر كبير له قيمته وله إسهاماته الفكرية وكتاباته في شتى الميادين، وهو عضو مشارك في غالبية اللقاءات الفكرية ومعارض الكُتَّاب والليالي الثقافية والندوات والمؤتمرات السياسية. ورغم أنه أحد أعمدة النظام الحاكم لكن آراءه التي كان يختلف في بعضها عن آراء النظام الحاكم كانت تُعْجِبُ أصحابَ الفكر المناوئ للحكم وترسخ شجرة إعجابهم به، واحترامهم له، بل كانوا يعتبرونه محسوبًا عليهم أكثر من حسبانه على الحزب الحاكم. وما إن جاءت الفرصة ليرى الجميع أفكار مصطفى الفقي وهي تترجم على أرض الواقع وتتحول أقواله إلى أفعال، ويتوج هو قدوة ونموذجًا يحتذي به المفكرون والسياسيون أمثاله، إذا به يفاجئ الجميع في انتخابات مجلس الشعب لعام 2005م وبعد أن أظهرت نتيجة الاقتراع فوز منافسه بمقعد البرلمان، وهذا ما أعلنته بعض أجهزة الأعلام، وشهد به بعض رجال القضاء من القائمين على العملية الانتخابية، إذا بالنتيجة تتغير وتنقلب رأسًا على عقب ويعلن فوزه وخسارة منافسه. مما تسبب في صدمة لكل المتابعين للانتخابات وغير المتابعين لها مصريين كانوا أو غير مصريين. لذا كان لابد لنا أن نتسفسر كيف سيسمح الدكتور مصطفى الفقي لنفسه أن يصول ويجول في المجلس، ويتحدث بملء فمه حديث الواثق المتمكن، باسم أناس لم ينتخبوه ولم يعطوه صوتهم ولم يفوضوه في أمرهم؟. وهل سيعود لسابق عهده، كما كان يفعل في المؤتمرات والندوات، يحاور ويناقش ويصوغ الدليل وراء الآخر والبرهان عقب الآخر والحجة تلو الأخرى، وهو يعلم، ومن قبله الكبير والصغير، القاصي والداني، أنه ليس في مكان بمكانه، وعلى مقعد ليس بمقعده؟ ومن ذا الذي سيحاورهم ومن ذا الذي سيناقشهم؟ الذين أتوا به إلى هذا المقعد أم الذين اغتصب منهم هذا المقعد؟ وإن اختلف مع أي من الفريقين هل سيصمد أمام تلميحاتهم بفضلهم عليه وإمكانية إزاحته كما أتوا به؟ أم سيصمد أمام من سيعيرونه باستيلائه على حق غيره؟. أيظن أن يتهافت الجميع على استجواباته أو رده على استجواب موجه للحكومة كما كانوا يتهافتون على ندواته؟ وألا يزال يظن أن رصيد الحب والاحترام الذي كان يكنه الناس له لم يختل بعد هذا الفوز الزائف. لقد كان فوزه بهذا المقعد، وهو في غنى عن أية مكاسب تعود عليه من عضوية مجلس الشعب، خسارة ما بعدها خسارة، خسارة لنفسه، عندما ينفرد بها في لحظة صدق يراجعها ويحاسبها، عندما يتذوق مرارة نصر لم يحققه ولم يستحقه، وخسارة لتاريخه ولمكانه ومكانته لدى النخبة المثقفة في أنحاء العالم العربي لأن فعله ناقض قوله، وهذا وحده يكفي لسقوط الإنسان من اعتبارات الناس.

       أما خسارتنا نحن جميعًا فهي على الرغم من الظهور الطاغي للدكتور مصطفى الفقي في كافة أجهزة الأعلام المسموعة والمقروءة وعبر شاشات التلفزيون والقنوات الفضائية، ورغم مكانته العلمية، وتدرجه في المناصب الجامعية، وعمادته للجامعة البريطانية، وكتاباته وكتبه التي تحتل مبيعاتها أرقامًا لا بأس بها، ورغم قناعة الكثير والكثير جدًا من المفكرين والسياسيين به وبأفكاره، إلا أن ما حصده من أصوات دلت وبينت قيمة المثقف عند عامة الناس ووضحت أن عامة الناس وهم الكثرة الغالبة في مجتمعاتنا لم تعد تبالي بكلام الثقافة والسياسية قدر اهتمامها بحاجاتها اليومية ومتطلباتها الحياتية ومن يوفرها لها، فلم يعد كلام السياسيين يشبع البطون الجائعة ويغطى عورة الأجساد العارية .

       وقد أحال السيد وزير العدل ورئيس اللجنة العليا للانتخابات الموضوع برمته إلى النيابة العامة للبت فيه، ولأن تحقيق النيابة يمكن أن يطول بعض الوقت، ولأن ذاكرة الأمة أضعف من أن تتبع قرار المحكمة، ولأن مجلس الشعب يمكن أن يغض النظر عن قرار المحكمة استنادًا إلى حقه الدستوري في أن يكون سيد قراره، له القول الفصل في صحة العضوية، وبالتالي تضيع فرصةن أن يغض النظر عن قرار المحكمة استنادًا إلى حقه إظهار الحقيقة، ولأن كل هذا له عواقب عدة، فلما لايقوم الدكتور مصطفى الفقي بالفصل في هذا الموضوع؟ بأن يتقدم باستقالته، أو يطالب بإعادة الانتخابات، أو إعادة فرز صناديق الانتخابات، إن كانت لا تزال مغلقة بالشمع الأحمر المدموغ بأختام القضاة، في حضور مراقبين ينتمون لمؤسسات المجتمع المدني، لأن ظهور الحقيقة سوف يعيد له الاعتبار، ويزيل الحرج عن الحزب الذي رشحه، وسوف يمكنه من مقاضاة كل هؤلاء الذين شهروا به، خاصة أنه قد أعلن قبل الانتخابات أنه سينسحب لو قامت السلطة بالتزوير من أجله، ولو فعلها لدخل التاريخ من أنظف أبوابه!..(2)

(3) ميلاد حنا

       قطاع كبير من أبناء هذا الوطن لا يهتم، لا بالحكم ولا بالحكومة، ولا يعنيه أيهما يمسك بتلابيب الحكم زيد كان أم عبيد، ينصب اهتمامه على لقمة العيش ولقمة العيش فقط، فغالبيتهم من الفقراء البسطاء، الكادحين وراء لقمة يوم بيوم، ليس للغد أو بعد الغد نصيب فيما تناله أيديهم اليوم. هؤلاء لا يهتمون بصاحب العمل الذي سيكسبون منه قوت يومهم مسلمًا كان أو نصرانيًا أو يهوديًا أو غير غد أو بعد الغد نصيب فيما تناله أذلك، وهؤلاء هم الذين عايشوا الاحتلال الأجنبي بكل صوره وأشكاله، وعايشوا الحكومات الوطنية المتعددة بكل مساوئها وأطماع القائمين على الحكم فيها. مثل هؤلاء لم ولن يفوضوا أحدًا في الحديث عنهم وباسمهم، ولا يستطيع أحد ليس من بينهم أن يدعي لنفسه الحق في التحدث نيابة عنهم. فكون أن يخرج الدكتور ميلاد حنا متحدثاً ليس عن المسيحيين من أبناء هذا القطاع فقط، بل عن كل مسيحيي مصر قائلاً: إذا وصل «الإخوان المسلمون» إلى الحكم فسيرحل المسيحيون من مصر. دفعنا أولاً للاستفسار عن من ذا الذي خوله الحديث باسم كل أقباط مصر؟ ومن ذا الذي يعطي الحق لأي فرد التحدث عن الآخرين، وماذا لو خرج ثاني أو ثالث يومًا بعد يومٍ يعلن عنهم أو عن غيرهم فعلهم كذا وكذا لو حدث كذا وكذا، وكل فرد يزايد عما أعلنه الآخر؟. وقد جاء فوز «الإخوان المسلمون» نزولاً على إرادة الشارع المصري الذي خرج عن بكرة أبيه لينتخبهم، وفوجئ بالمحاولات الفذة والفجة التي بذلت لمنع الناخبين من التصويت لصالحهم، وحديثه هذا فيه إيذاء لمشاعر المسلمين الذين رأى بعضهم في جماعة «الإخوان المسلمين» حلاً لما نحن فيه جميعًا؟ أليس من حق كل فرد أو جماعة اختيار من يرونه صالحًا لتمثيلهم؟ أيريد أن نلغي اختيار الشعب إرضاء له، وحتى لا تقحط الأرض وتجدب السماء ولا نحرم من البركات التي تحل علينا من وجوده معنا، أيريد أن ننتخب نوابًا على شاكلة من انتخبوا في المجالس السابقة؟ ولماذا لم يعلن رحيله عندما وصل للحكم من هم ليسوا أهلاً له، وعانينا ومازلنا نعاني منهم الأمرين؟ أم في وجود الإخوان ستستتب الأمور وسيلقى المناضلين والرفقاء بأسلحتهم؟ لذا وجب الرحيل لأرض لا يزال فيها نضال. وهل تعني الديمقراطية خضوع الأغلبية لرأي الأقلية؟ وإذا كان نجاح «الإخوان» يعود كما يدعي البعض لتقديمهم للمساعدات المادية من صناديق الزكاة التي يضعون أيديهم عليها، ولاستغلالهم للشعارات الدينية في مخاطبة الجماهير، فلما لم تقم الحكومة بذلك وهي التي تضع يدها ورجلها وكل جوارحها على صناديق الزكاة في جوامع مصر كافة، وهل تقديم المساعدات المادية كان السبب في نجاح «الإخوان» في انتخابات نقابة الأطباء، والأطباء أربأ الناس عن الحاجة للمساعدات المالية؟ وهل استغلالهم لسذاجة وطيبة المواطنين ومخاطبة مشاعرهم بالشعارات الدينية كان السبب في نجاحهم في انتخابات نقابتي المهندسين والمحامين ، ومن بين أبناء هاتين النقابتين من هو أكبر عقلاً وأرجح تفكيرًا من مرشحي الإخوان؟ انظر يا دكتور ميلاد إلى المصلين يوم الجمعة وقد أكتظت بهم المساجد فيفترشون الحصر والسجاجيد وأوراق الجرائد خارجها للصلاة، وانظر إلى رواد الكنائس يوم الأحد، لتحكم من هم في حاجة لبناء دور عبادة جديدة لاستيعابهم، كما أن العبرة ليس بكثرة عدد دور العبادة ولكن العبرة بمن يعمرها ويتردد عليها ويأتمر بما يتعلمه فيها. كما أن بناء مدارس ومؤسسات إنتاجية ومستشفيات يؤمها مسلمون ومسيحيون للعلاج والاستشفاء خير وأنفع من اللعب على وتر أن «الإخوان» لن يسمحوا ببناء كنائس جديدة. ومع ذلك فعلاقة «الإخوان المسلمين» بالأقباط علاقة مميزة لم ترق إليها علاقة أي حزب بهم، فقد قدموا دعمًا لمرشحين أقباط في الانتخابات البرلمانية الجارية، وتقديرًا منهم لبعض الشخصيات القبطية لم يرشح «الأخوان» أحد أمامهم، وهو ما لم يفعله أي حزب آخر، كما كان هناك تنسيق بين الأخوان والأقباط في انتخابات النقابات وانتخابات مجلس الشعب لعامي 1987م وعام 2000م. كما لابد أن نشير إلى أن انتخابات مجلس الشعب الحالية كشفت عن تأييد مسيحي ربما غير مسبوق لمرشحي «الإخوان» .

       ثم يأتي السؤال ومن ذا الذي سيرحل من أقباط مصر؟ أهؤلاء الذين لايملكون ثمن تذاكر الانتقال من محافظة لأخرى فضلاً عن السفر للخارج، لا أظن أحدًا منهم يفكر في الرحيل من مصر لمجرد أن حكمها «الأخوان المسلمون» إلا إذا كان هناك من يمول خروجهم من مصر كما تفعل إسرائيل عند استقدامها ليهود إثيوبيا للاستيطان في فلسطين. أم هؤلاء الذين بات في فكرهم أن الاستقواء بالخارج هو موضة هذا العصر ومفخرته، بعد إن كانت محاولة الاتصال بالخارج تهمة وعار يلصق بصاحبها، وهل ستنضم لهؤلاء الذين يشكلون لوبي مسيحي في الخارج يستعدي القوى العالمية ضد مصر ويطالبهم بقطع المعونات عنها، أم هل ستنضم لمن يحلمون بحكم مصر من على دبابة أمريكية؟ وماذا لو ساءت علاقة مصر بالدول التي سترحل إليها، وماذا لو وصل الخلاف إلى قرار بغزو مصر تحت أي حجة، وما أكثر هذه الحجج ، فما هو موقفك من المقاومة الوطنية التي سوف تندلع ضد المحتل، وسوف يشترك فيها مسلمون وأقباط؟ عمومًا مصر ليست دولة بترولية ولا تفيض فيها الموارد ولكنها دولة مكتظة بالسكان، نيلها أصابه التلوث ومناخها تبدلت أحواله وكل ما هو جميل فيها يثير أعداؤها على احتلالها أصبح في خبر كان. ولن يضر مصر ولن يخذلها خروج فرد أو اثنان أو ثلاثة أو حتى بضع عشرات أو مئات أو ألوف أو ملايين منها، ولن تزداد الدول الأجنبية قوة ومنعة بهم، فمصر بها سبعون مليون نسمة لا شك أن حكومتنا تتمنى رحيل عشرة أو عشرين أو ثلاثين مليونًا منهم إلى غير رجعة، بل من ضمن ما تتمناه هو أن يكد هؤلاء ويعملوا بالخارج ويدروا عليها بالعملة الصعبة، لذا فليرحل من يريد أن يرحل فمطارات الوطن وموانيه وطرقه تتسع لكل من يريد الرحيل..(3)

(4) مدحت وردة

       بعد كل فوز لأي فريق لنا من فرقنا الرياضية بمختلف أنواعها ومسمياتها بإحدى المسابقات الرياضية سواء كانت على المستوى المحلي أو الأفريقي أو العالمي. أتذكر ذلك المظهر المشرف الذي ظهر به اللاعب مدحت وردة كابتن فريق كرة السلة الذي فاز ببطولة إفريقيا عام 1987م، فكما أمرت التعاليم الإسلامية كان الشورت الذي يرتديه يغطي عورته من السرة حتى الركبة، ولم يعقه إطلاق لحيته عن إحراز النصر، وزاد انبهارنا عندما رأيناه يرفع المصحف عالياً بعد الفوز بالبطولة، وعدم تقبيله للكأس كما هو مألوف بين اللاعبين، وسجود سجدتي شكر لله هو من كمال وتمام الشكر لله فما توفيقنا إلا بالله، والكثير من اللاعبين يحتاجون لمثل هذه الأمور خاصة ونحن مقبلون على العديد من البطولات، يستحسن بنا الالتزام بتعاليم الإسلام وأخلاقه ليرى العالم كله الإسلام كسلوك وخلق بعيدًا عن مهاترات السياسية وتشويه المغرضين وطعن الحاقدين .

المراجع

(1)     مجلة الموقف العربي العدد 186 الصادر بتاريخ 29 نوفمبر 2005م الموافق 27 شوال 1426هـ ص 11. جريدة الحلوة الصادرة بتاريخ 29 نوفمبر 2005م الموافق 27 شوال 1426هـ العدد 35 ص 3. جريدة الدستور الصادرة بتاريخ 30 نوفمبر 2005م الموافق 28 شوال 1426هـ العدد 37 ص 5. جريدة المصري اليوم الصادرة بتاريخ 1/12/2005م العدد 536 ص 13. جريدة نهضة مصر العدد 514 الصادر بتاريخ 3 ديسمبر 2005م الموافق غرة ذوالقعدة 1426هـ ص 6 .

(2)          جريدة المصري اليوم العدد 534 الصادر بتاريخ 29 نوفمبر 2005م الموافق 27 شوال 1426هـ ص 5 . جريدة الغد العدد 39 الصادر بتاريخ 30 نوفمبر 2005م الموافق 28 شوال 1426هـ ص 7 . جريدة الأهرام العدد 43458 الصادر بتاريخ 30 نوفمبر 2005م الموافق 28 شوال 1426هـ ص 10 . جريدة آفاق عربية العدد 737 الصادر بتاريخ 1 ديسمبر 2005م الموافق 29 شوال 1426هـ ص 20 .

(3)     جريدة روز اليوسف العدد 98 الصادر بتاريخ 29 نوفمبر 2005م الموافق 27 شوال 1426هـ ص 7. جريدة الحياة ص 10 الصادرة بتاريخ 30 نوفمبر 2005م الموافق 28 شوال 1426هـ العدد 15582. جريدة الخميس 1/12/2005م العدد 48 ص 9 . جريدة الميدان بتاريخ 29 شوال 1426هـ الموافق 1 ديسمبر 2005م ص 4 العدد 632. جريدة الأهرام 3/12/2005م ص 6 العدد 43461. جريدة النبأ الوطني 4/12/2005م العدد 848 ص 9. جريدة الفجر العدد 28 الصادر بتاريخ 5 ديسمبر 2005م الموافق 3 ذوالقعدة 1426هـ ص 4 .

 

*  *  *

*  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . ربيع الأول – ربيع الثاني 1427هـ = أبريل – مايو 2006م ، العـدد : 3–4 ، السنـة : 30.

 



(*)         6 شارع محمد مسعود متفرع من شارع أحمد إسماعيل وابور المياه – باب شرق – الإسكندرية ، جمهورية مصر العربية.

           الهاتف : 4204166 ، فاكس : 4291451

           الجوّال : 0101284614

         Email: ashmon59@yahoo.com